بنك المعرفة - الجيولوجيا - الجيولوجيا التاريخية

مقتطفات تاريخية عن الجيولوجيا Geology Historical Excerpts

كانت طبيعة الأرض - موادها وعملياتها - مركز اهتمام دراسة على مدى قرون، وترجع الكتابات عن الأحافير والأحجار الكريمة والزلازل والبراكين إلى اليونانيين منذ أكثر من ٢٣٠٠ عام. لم تخلُ الكتابات والتفسيرات من الخرافات. فقالوا إنّ الأرض عبارة عن قرص مسطّح يحيطه الماء، وأنّ هذا الماء مصدر جميع الموادّ الموجودة على الأرض. ثمّ اعتقد الجميع إنّ الأرض أسطوانية الشكل وأنّ كلّ الكائنات تطوّرت من الأسماك.
ارتكز قسم كبير من العلوم الطبيعية عند اليونانيين على الفلسفة والرؤى. ثمّ جاء العلماء العرب واقتبسوا العلوم منهم مضيفين معلومات كثيرة مبنية على تفسير الظواهر الطبيعية والبحث العلمى.
أدّى العلماء العرب والمسلمون دورًا مهمًّا فى مجال علم الأرض، نذكر منهم إبراهيم الفزارى الذى صنع أوّل جهاز استخدمه العرب؛ لتحديد ارتفاع النجوم والكواكب، وابن سينا الذى كان أوّل من درس المعادن دراسة علمية، وكانت له دراسات فى علم البحار، وكيفية تكوُّن الصخور الرسوبية، وجلال الدين السيوطى الذى أعدّ سجلًّا خاصًّا بالزلازل موضِّحًا تاريخ حدوثها، وأشكال الدمار المصاحبة لها، وغيرهم.
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، أثّرت نظرية الكوارث Catastrophism بشكل ملحوظ فى فكر الناس حول الأرض. فقد تضمّنت هذه النظرية أنّ المواقع الطبيعية، كالجبال والوديان، قد تشكّلت فى البداية بعد وقوع كوارث هائلة، وأنّها نتجت عن عوامل لم يعرفها العلماء حينها.

وفى عام ١٧٩٥م، نشر الفيزيائى الإسكتلندى والمزارع جيمس هاتون (شكل ٤) كتابًا عنوانه "نظرية الأرض Theory of Earth". ووضع فيه مبدأ الوتيرة الواحدة (الانتظام المستديم) Uniformitarianism الذى يُعَدّ المبدأ الأساسى وركيزة الجيولوجيا الحديثة. ينصّ هذا المبدأ على أنّ القوانين الطبيعية والكيميائية والبيولوجية القائمة الآن كانت هى نفسها فى الماضى الجيولوجى. وبمعنى آخر، كلّ ما نلاحظه من قوى وعمليات لتشكُّل كوكبنا الآن لم يتغيّر منذ زمن طويل. لذلك، ومن أجل فهم الصخور القديمة علينا أوّلاً أن نفهم العمليات الحالية ونتائجها، أى أنّ الحاضر هو مفتاح الماضى.

شكل (٤)
جيمس هاتون (١٧٢٦ - ١٧٩٧)، مكتشف الجيولوجيا الحديثة

بالرغم من أنّ هاتون وآخرون قد أدركوا أنّ الزمن الجيولوجى طويل جدًّا، إلّا أنّه لم تتوفّر لديهم أىّ طريقة لتحديد عمر الأرض. وكانت أوّل محاولة لتحديد عمر الأرض عام ١٩٠٥م باستخدام الطاقة الإشعاعية. فقد استطاع علماء الجيولوجيا تحديد الأزمنة الدقيقة لأحداث تاريخ الأرض بواسطة النظائر المشعّة، والأجهزة العلمية الحديثة. فأصبحنا نعرف الآن أنّ الديناصورات قد انقرضَتْ منذ حوالى ٦٥ مليون سنة، وأنّ عمر الأرض الإجمالى يُقدَّر بحوالى ٤٫٦ مليار سنة.